الأحد، 26 فبراير 2017

سنشرع اسوعيا إن شاء الله وبتوفيق من الله تعالى في نشر قصة من القصص التي نأخذ منها العبرة والاعتبار في حياتنا لما للقصة  من دور في حياة الانسان فقد قال تعالى : ((فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )) وقال ايضا: ((نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ )) قصة الرجل صالح جريج من القصص الذي رواها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصاحبه فجريج رجل عابد من بني اسرائيل أسمه جريج كان هذا الرجل وحيد والدته وابوه متوفى  وكان يعمل في ميدان التجارة يربح ويخسر كسائر التجار وفي يوم من الايام قال أستفرغ لتجارة لاخسارة فيها و فرغ حياته ونفسه للعبادة كليا فبنى لنفسه صومعة بسيطة من الطين يتعبد فيها ويخلو مع نفسه لذكر الله عز وجل فقد كان رجلا تقيا صالحا عابدا لربه ترك الدنيا ومغرياتها وشهواتها ولذاتها ليعبد ربه .في يوم من الايام اشتاقت له امه كثيرا فتخرج اليه بصومعته التي يتعبد بها فينظر اليها ويحدثها كما تعود في كل زيارة لكن في هذه المرة كان يتعبد فنادته ياجريج ياجريج حينها كان يصلي وهو في اشد العبادة فسمعها وهي تناديه عدة مرات فاحتار في امره قال امي وصلاتي ماذا اقدم فاختار صلاته في نهاية الامر وترك امه ولم يرد عليها فأنكسر قلبها ورجعت لبيتها.جاءت ام جريج في اليوم الثاني تناديه وكان في صومعته ايضا يصلي فقال امي وصلاتي طمع جريج بالعبادة فاختار صلاته ولم لم يرد على امه فرجعت اسيرة وحزينة لبيتها فغضبت منه ودعت عليه وقالت( اللهم إن هذا جريج فقد اشتقت  اليه وتكبدت مشقة الوصول اليه فكلمته فابى أن يجيبني فاللهم لا تمته حتى تجعله ينظر الى وجوه المومسات (البغيات)).ان هذا لدعاء كبير عندهم فما بالنا اليوم ونحن نشاهد المومسات في التلفاز والافلام وغيرهما(فاللهم ابعدنا عن كل ماهو حرام ) وعلينا ن نتعظ من هذه القصة ونخاف الله في الوالدين خاصة. وعلى كل انسان يريد ان يتعبد الله فليتعبد لكن لاينسى انه عليه حقوق وواجبات تجاه والديه واهله وبيته وعمله فأرضى الوالدين عبادة وأداء حقوق الزوجة والابناء عبادة والعمل عبادة لذا عليه ان يوفق بين الواجبات والعبادة معطيا لكل منهما حقه.
فمرت الايام والناس تتكلم عن عبادة جريج وتقول ياله من رجل صالح هذا الراهب العابد والتقي الى ان جاءت إحدى مومسات بني إسرائيل وكان يتمثل بجمالها أي ألأشد هن حسن وجمال فقالت إن شئتم فتنت لكم جريج بجمالي قالوا شيئنا ,فجاءت في يوم من الايام وتعرضت له فلم يلتفت اليه فأغرته بمفاتنها لكنه صدها قائلا اني اخاف الله معاذ الله ان افعل حراما فاني تركت الدنيا ومافيها لاجل العبادة فقط فكلما جاءت تراوده صدها الى ان ضجرت منه هذه المراءاة السيئة وتركته لانها لم تنال ما ارادته .لجئت الى راعي كان يأوي بجنب الصومعة فأمكنته من نفسها فحملت فمرت الايام ولدت العاهرة مولودها فسألها لأهل القرية من والد هذا الغلام فإذا بها تجمع الناس حولها لتقول ان والد الغلام هو الراهب جريج العابد الصالح فثار الناس واهتزوا وذهلوا لما سمعوه حيث نزل عليهم هذا الخبر كالصاعقة لانهم لم يتوقعوا من جريج العابد التقي الذي كان ينصحهم بالعبادة ان يفعل مثل هذه الخطيئة الكبيرة ولشدة ذهولهم بالخبر وصدمتهم اخذوا فسؤهم وذهبوا مسرعين الى صومعة جريج واخذوا في تهديمها حتى نزل لهم. فضربوه الناس ضربا مبرحا قائلين تتظاهر بالعبادة وانت زاني ونظر الى مكان عبادته وهو يهدم من قبل اهل القرية. فاخذوا يرمون عليه واحد يضربه وواحد يسبه واخر يهنه وجاءوا به على الطرقات الى ان وصلوا الى بيت المومسات فتذكر دعوة امه فقال لأهل قريته اريد ان اصلي ركعتين قبل ان تقتلوني فدعا ربه ( ام من يجيب المضطر اذا دعاه). فبعد ان صلى جريج ودعا ربه سال اهل قريته اين الغلام الذي تقولون انه ابني فجاءوا بالمولود وامه فاذا بجريج يضرب المولود باصبعه ضربة خفيفة على بطنه فقال لهم اسالوه من ابوه وكان كل اهل القرية حاضري ليروا جريج وهو يعاقب قتلا على فعلته قالوا له انسأل مولودا في المهد وهو لايتكلم قال لهم نعم  فسالوا الغلام من هو اباك فقال لهم الغلام أبي ذلك الراعي نعم نطق الغلام بقدرة الله عز وجل كما نطق نبي الله عيسى وهو في المهد فذهل الناس اجمع لما راؤه وسمعوه فهذه معجزة من الله تعالى ليبرأ جريج.
فندم اهل القرية على مافعلوه بجريج وأخذوا يتمسحون ويتبركون.وقالوا له نبني لك صومعة انبة من ذهب ولبنة من فضة فقال لا والله ابنوها طين كما كانت. أرجوا ان ناخذ العبرة الاولى من هذه القصة فإن الله عزوجل حكم عدل فهذا جريج الذي لم يجب امه ولم يكن يهجرها وهو عاق لها بسبب ضرب او بسبب كلام جارح او بتقصير في نفقة أو بالجري وراء مكاسب الدنيا و مغرياتها أو بتفضيل زوجة أو تفضيل اولاد عليها.بل لم يجب دعوتها وهو منشغل بعبادة الله عزوجل ونحن خلقنا للعابدة فارجوا من الله جل وعلا ان يرحمنا وإياكم برحمته الواسعة وأن يغفر لنا خطيئتنا وتقصيرنا في حقوق والدينا ويرشدنا للاحسان لهما كما يحب ويرضى. ثم علينا استخلاص العبرة الثانية: من هذه القصة على الانسان الا يغتر بحكم البشر عليه فإنهم ليسوا موضوعين دائما ومتطرفين في احكامهم و تقييمهم للإنسان بل يميلون الى المبالغة دائما فإذا رضوا عنك مدحوك وأعطوك أكثر مما تستحق  وإذا أبغضوك ذموك بما ليس فيك وسلبوك ما تستحق فهذا جريج الذي ضربوه ونعتوه بأقذر العبارات لما سخطوا عليه وهو نفسه لما رضوا عنه تمسحوا وتبركوا به وطلبوا منه ان يبنوا له صومعة من ذهب وفضة فهكذا هم الدهما في كل عصر الى ان يرث الله الارض ومن عليها.لكن عبدالله جريج لم يغتر بتقديسهم له وقال ابنوها كما كانت فهكذا يجب ان يكون الانسان العاقل. فيا عبدالله لا تفرح بمدح الناس لك ولا تبتأس بذمهم فإن مدحهم وذمهم مبني على اختلال معنى الشخص في أنفسهم وتصورهم وظنهم به. فالانسان الذي كرمه الله بالعقل ليفكر به ويقييم نفسه برضى الله عن وغضبه منه.فعليه ان يقييم مكانته عند الناس والمجتمع بميزان العدل وأن يوطن نفسه أينن وضعه الله ولا يترك يقين نفسه لظن الناس به و حكمهم عليه بالسلب او بالايجاب. وخير مانختم به هذه القصة بقوله تعالى :(( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ )).صدق الله العظيم
https://www.facebook.com/cfpatamanrasset 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق